1/ ماذا نريد من الرياضيات ومن تدريسهاماذا نريد من الرياضيات ومن تدريسها في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي ؟ أنريد إرساء قدر كاف من المعارف والمهارات لدى المتعلمين ؟ أم تهيئتهم للتفاعل مع البيئة التي يعيشون فيها ؟ أم تنمية شخصيتهم وتطوير الإمكانات التي تقدرهم على الاستدلال والتعليل؟ أم تأهيلهم لمواصلة التعلم ؟ أم كل هذه الأهداف مجتمعة ؟ وحتى إذا ما تحققت كل هذه الأهداف وفق منظور اندماجي ، هل يصح لنا أن نقول إننا بلغنا ما نريد من تدريس الرياضيات ؟ سؤال لا تمكن الإجابة عنه بالإيجاب غلاّ متى توفّقنا إلى الإجابة عن سؤال يتولّد عنه هو: كيف نحبّب الرّياضيات إلى نفوس أطفالنا ؟2/ رياضياتورياضيات.إن النظر في تدريس الرّياضيــات يختلف اختلافا جذريا بين الملمح المألوف الذي يقضي بأن تصوغَ لجان الأهداف أيا كانت دقة الصياغة ودرجة الإحكام ومهما بلغ مدى الأهداف وشمولها وطابعها الاندماجي وتُعِدَّ لها ما ترى أو ما اُتُّـفِقَ على أنه لازم للمتعلمين من المعرفة الأداتية والمنهجية ثم تَضَعَ لها مسارات التعليم وطرائق التعلم المناسبة لتحقيقها وبين الملمح الثاني المأمول القاضي بأن تسعى إلى تقريب الرياضيات وتدريسها من نفوس الناشئة أو، بدرجة أقل ،أن يَحْرِصَ القائمون بالتدريس وعليه الحرص كله على أن لا يُــنَفِّروها من الرياضيات ومن تدريسها ، وهو أضعف الإيمان .ثم يَـتَبَنَّى المدرس ويتبنى المعنيون بالتعلم من التلاميذ ما يناسبهم من أهداف ومعارف ومهارات ومسارات تعلمية / تعليمية معروضة في منهج هو الحدُّ الأدنى المشترك بين الجميع . لاختلاف بين الملمحين ليس في صياغة هذه الأهداف أو تلك أو اعتماد هذه المقاربة أو تلك أو انتهاج هذا المسار أو ذاك .فهذا ليس بذي أهمية كبرى الاختلاف بين الملمحين في الجوهر أي أنَّه هيكلي ومنهجي. الاختلاف في أن تعتبر الرياضيات مادةً تُدَرَّسُ أو أن تعتبرها غَيْرَ ذلك ، وذلك في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي على الأقل حتى لا ينزعج الباحثون في تعلُّمِيَّة الرياضيات الذين لهم فضائل لا تنكر في تطورها .3/ الرياضيات في مدرستنافإذا اعتبرت الرياضيات مادةً فمعنى ذلك أن لها ما لبقية المواد من المضامين المرتبة والمبوبة التي يغلب عليها الحساب والأرقام والقياس والتوقيت المحدَّد والموزَّع على مدار الأسبوع والسنة ولها ما ليس لغيرها من المعايير الدقيقة والغارقة في الدقة والضاربة في التدقيق منها ما يتصل بالمعارف والمهارات ومنها ما يتصل بالمسارات المفضية إلى الحل ولها ما ليس لغيرها من الضوارب هي الأرفع والأقوى وهي المحددة للنجاح والفشل الدَّالين وغير الدَّالين ومن مواضيع الاختبارات المغلقة والمنغلقة على نفسها والتوقيت الأطول والموقع المتميِّز والمدروس في روزنامة الامتحانات توقيا لما قد يصيب الممتحن من دوافع الإحباط وأثره على مجرى الاختبار إذا ما تقدم موضع الرياضيات وفشل صاحبها في الأداء .وهو ما يعطي للرياضيات هالة ومهابة .ولها من الكتب والمراجع المدرسية القانونية والموازية ذات التمارين والمسائل العديدة والمتعددة التي يغلب على معظمها اللون الباهت والقاتم والعناوين الجادة التي لا تخرج أكثرها عن السجل المدرسي أو السجل الإشهادي مثل : "الرياضيات" أو "سبيل النجاح الأوحد" أو "الطريق الوحيدة إلى الارتقاء " وهو وضع شائع بين الكثير من المجتمعات وفي فرنسا على سبيل المثال كتاب في الرياضيات لتلاميذ المرحلة الأولى من التعليم الأساسي بعنوان "الهدف هو الحساب ".وعلى خلاف ذلك فإن سلسلة من الكتب الرياضية صادرة في أمريكا منذ سنوات تحمل عناوين طريفة ومنهاكتاب في القيس هذا عنوانه Metric can be fun4/ والرياضيات في نظر العلماءأما إذا لم تعتبر الرياضيات مادة فماذا تراها تكون ؟ لعل في نظر الباحثين في تعلُّمية المواد و الرّياضيين إليها ما يسمح بأن تجد لها تعريفا وموقعا ومجالا ولغة . Alain Connes يرى في الرياضيات اكتشافا وخلقا:" يصح أن نقارن الرياضيَّ أثناء عمله بالمستكشف في سعيه إلى اكتشاف العالم " و يضيف فيقول:" في بحثه عن الحقيقة الرياضية ، يبتكر الرياضي أدوات تفكيره "كما يرى أن تملك مفاهيمها متوقِّف إلى حدٍّ بعيد على ميول صاحبها واهتماماته . فهو يؤكد أن " هناك من المجالات الرياضية ما لا أفهمه على الرغم من بساطتها لا لشيء سوى أنها لا تتصل بالمواضيع التي أبحث فيها ".أماLaurent Schwartzفيرى في البحث في مفاهيمها مسارات غير خطية. إذ يقول واصفا عمله :" البحث ينمو وفق نسق يقضي بإقصاء العوائق واحدة بعد الأخرى .فالفكرة تأتينا فجأة . فنبحث ونتقدم ونصل إلى نتيجة نسجلها ونحتفظ بها دون أن ننشرها ثم نمر إلى أمر آخر .ويحدث أن نقتنع بأن في نتيجة تحققت ما يدفعنا إلى مزيد التعمق فنتقدم قليلا ونكتشف أن للمسألة أهمية ... وعلى الباحث أن يقبل الفترات التي يجف فيها تفكيره ساعة أو يوما أو حتى مدى الحياة .والواقع أن الفترات التي يجف فيها الباحث تُعَد أكثر من الفترات التي يَعْثُر فيها على شيء ذي بال ".ومن العلماء الرياضيين من يعتبر الرياضيات تواصلا. ويقول Jean Dieudonné في هذا الصدد : " أغلب الرياضيين يشعرون بالإحباط إذا لم تتوفر لهم فرص التواصل المنتظم مع زملائهم سعيا إلى الفهم والإفهام . فمجال عملهم المتميز بدرجة عالية من التجريد يقتضي التخاطب مع مختصين من أمثالهم " .ومنهم من يرى أن للرياضيات أكثر من طريقة في الاستدلال وأنها غير معصومة من الأخطاء وأنها نشاط ذو طابع شخصي على الرغم من التجريد الذي تتميز به.وفي هذا يقولRoland Charnay : " غير الرياضيين من الناس يعتقدون أن هناك طريقة ثابتة لاكتشاف القواعد الجديدة .وأن التقدم في البحث الرياضي يتم بتراكم النتائج ودون أخطاء كأنما الإنتاج في مجال الرياضيات عمل استنباطي لا دخل فيه للمرء أو لأحاسيسه أو طابعه الشخصي المميز" ويؤكد Henri Poincaréهذا التوجه فيقول :" نحن نستدل بالمنطق لكننا نبتكر بالحدس ".كما أن منهم من يعتبر حل المشكلات جوهر الرياضيات بوصفها تحديات للمرء وللمعرفة على حد سواء . وفي هذا المعنى يقول Alain Bouvier :" هل يصح الحديث عن مسائل غاب عنها التحدي : تحد نحو الذات و/أو تحد نحو المعرفة ؟ " ويضرب العالم الرياضي المشهور Daniel Gorenstein مثالا لذلك فهو يروي كيف أمضى في بحثه عن مفهوم رياضي خمس ساعات في اليوم وكامل أيام الأسبوع وطوال اثنين وخمسين أسبوعا في السنة وذلك منذ سنة 1959 إلى سنة 1977دون انقطاع . ويعلِّل هذا الوقت الطويل الذي استغرقه البحث برفع تحد وَجَّهَهُ إلى نفسه إذ يقول : " أريد أن أحل هذا الإشكال لأنني أريد أن أحله " ومن الرياضيين من يرى في الرياضيات نشاطا يقتضي متسعا من الوقت . كما أن إحراز النتائج قد يأتي صدفة وبعد جهد ولأي . و يفسرون ضرورة توفّر هذا المتسع من الوقت بدوافع شخصية كقول LaurentSchwartz متحدثا عن نفسه دون حرج : " الحقيقة أن لي تفكيرا بطيئا " . أما الطابع العفوي وغير المتوقع للنتائج فهو مألوف لدى العلماء والرياضيين . من ذلك أن هذا الأخير يروي كيف أمضى عشر سنوات يبحث عن مفهوم فلم يفلح وذات يوم وهو منهمك في عمل لا علاقة له بموضوع بحثه أدرك أنه يحرز إجابات عن كل الأسئلة التي طرحها على نفسه منذ عشر سنوات .و يعقب على ذلك بقوله : " في هذا الوقت بالذات أصبح العمل ممتعا والنتائج تتساقط كالثمار الناضجة " هكذا الرياضيات في عيون أصحابها ممن رسخت أقدامهم في العلم : مكانة بين العلوم ومعرفة لا استغناء عنها لكنها اكتشاف وخلق ومسار غير خطي وغير نمطي وفترات من جفاف الفكر قد تطول فيتوقف عن الإنتاج ثم يعود ؛ ونسق في التفكير بطيء لدى بعضهم فلا يرون فيه حرجا ولا يقلل من قيمتهم العلمية ومفاهيم مستعصية على الرغم من بساطتها إذا لم تكن مرتبطة باهتماماتهم وميولهم .كما أن لعلماء الرياضيات فترات من الإلهام يعيشونها مثلما يعيشها الشعراء والفنانون وإن كان اختصاصهم من أشد المجالات دقة وموضوعية .5/ الرياضيات كما أراها و كما ينبغي أن تكون لدى المتعلمينإذا كان الأمر بالنسبة إلى علماء الرياضيات على ما ذكرنا مما جاء على لسانهم فإن المتعلمين أولى أن يعيشوها اكتشافا وخلقا وبحثا وتحسسا تجريبيا وإخبارا وتبليغا ولغة رياضية تنمو وتتطور تدريجيا نحو الدقة ومساراتِ حلٍّ تُبنى وتُوَظَّفُ فيها المعرفة الرياضية والمهاراتُ المنهجية المستوجبة والمكتسبة لتُجَرَّبَ وتُقَيَّمَ وتُعَدَّلَ ثم يُعادُ بِنَاؤُها حتى بلوغ الحل النهائي أو الظرفي، الحل الكلي أو الجزئي أو اللا حل. فيصبح الخطأ في الأداة المعرفية و/أو المسارات و/أو المهارات المنهجية وارد والمآزق فيها واردة .لكن السعي إلى تصحيح المسار وإصلاح الخطأ وتجاوز المآزق متاح للجميع أثناء الدرس أو بعده اليوم أو غدا أو بعد شهر أوبعد سنة وربما أكثر دون أن ينجر عن الخطأ أو الوقوع في المآزق المعرفية والمنهجية تبعات وويلات ودون أن ينعت هذا بعدم الفهم أو ذاك ببلادة الذهن أو ثالث بالإهمال أو رابع بالقصور أو خامس بالتقصير.المهم أن لا مكان للإحباط ولا مجال للفشل أيا كانت الدوافع والتبريرات المؤسساتية ( حتمية إنهاء المناهج في موعدها وطابع الاختبارات الإشهادي الذي ينبغي أن يفضي بالقائمين عليه إلى أحد الأمرين : الإقرار بالارتقاء أو الرسوب ) أوالبيداغوجية ( ضبط الأهداف وتخطيط العمل ومراحل الإنجاز الخطية وفق تسلسل زمني يحسب بالدقائق وعدد الحصص وفق هذا المنظور أو ذاك:درس فتطبيق فتقييم أو درس فتقييم فتطبيق أو درس يتضمن التطبيق والتقييم ) أوالتعلمية ( الممثلة في صعوبات النقل البيداغوجي، والعوائق الابستيمولوجية الخاصة ببعض المفاهيم : من ذلك على سبيل المثال الجدل الذي لازال قائما في برمجة المجموعات ومكوناتها منذ بدايات التدريس من التعليم الأساسي؛وهو ما دفع Yves Chevallard إلى القول بما يسميه " مبدأ المراقبة الابستيمولوجية )"6/ أي مناخ تربوي نريد ؟لنبدأ فنسأل : هل المناخ التربوي الراهن يسمح بأن لا نـنفر التلاميذ من الرياضيات وهو أدنى ما ينبغي أن تحققه المدرسة ؟ الإجابة عن هذا السؤال ليست باليسر الذي يتبادر إلى الذهن.فمن الدلائل ما يجعل الإجابة تكون بالنفي.ومن القرائن ما يحمل على الاعتقاد بأن الأمل في التطوير متاح.وليست الأهمية في تقديم إجابة قد لا تحظى بالإجماع الكلي أو الجزئي بل الأهمية في النظر إلى كل ما من شأنه أن يوفِّر، لتدريس الرياضيات ،المناخَ التربوي الملائمَ لجعل المتعلمين لا يَنْـفُرون من الرياضيات دون طرح معطيات الواقع المعقَّد طرحا مجتزئا يُحَمِّلُ المدرِّسَ والتدريسَ أنواعا من القصور أو يُلْقي على الآخرين مسؤولية نُفُورِ المتعلمين من هذه المادة الحيوية .والأهم من كل ذلك أن نبصِّر أنفسنا بمدى مسؤولية التعليم في صياغة الغد القريب والبعيد وأن نَعِيَ أن مستقبل تعليم الرياضيات إنما هو في وضع أولويات جديدة ومتجددة من أجل تعلُّم المستقبل في ما يعرف اليوم بمجتمع المعلومات والمعرفة المتغيرة المتحوِّلة وذات النسق المتسارع.ومن المسائل التي نراها جديرة أن تبحث بعمق ويعاد فيها النظر لتكون حمَّالة تغيير تُرَغِّب المتعلمين في الرياضيات أو ،على الأقل ، لا تُزَهِّدُهم فيها أو تُنَفِّرُهم منها ما يلي:· موقع المعرفة فالرياضيات:ما زالت المعرفة تحتل الصدارة. فهي تدرس في أغلب الحالات لذاتها.فتُخَصَّصُ لها الساعات لتدريسها وتركيزها ودعمها لدى المتعلمين.وتعدُّ لتقييم المكتسبات التمارين المتعددة.وهو ما ينتج عنه تَشَظِّي المعرفة وتَبَعْثُرِها ومن ثمة تَفَكُّك نظرة المتعلم إلى وحدة ما يتعلمه وإلى تجربته وفعاليته .وقلما تُدَرَّسُ الرياضيات لتكون موارد توَّظَّفُ لحل مشكلة أو إعداد مشروع.وهذا التوجُّه لا يُخَفِّضُ في شيء من قيمة المعرفة إذا ما انتقلت إلى موقع لا يَخْتَزِلُها في استظهار أجزاء منها للإجابة عن أسئلة يطرحها تمرين بل يكون دورها الأرفع أن تُوفِّر الأدوات والموارد لحل هذا الإشكال أو ذاك في المدرسة وخارجها وعلى امتداد الحياة .· نوع المعرفة في الرياضياتأغلب ما يدرس في الرياضيات العدّ ونظم العدِّ وآليات العمليات الأربع والتصرف في المقادير والتصرف في الأشكال الهندسية .وهي معرفة أداتية قلَّما ترتقي إلى إرساء المهارات المنهجية واتخاذ المواقف وبناء المسارات وامتلاك الآليات لتقييم هذه المسارات وتعديلها.· الوضعية – المشكل:أغلب ما يقدم منها تمارين و/أو مسائل مغلقة ومنغلقة هي أقرب إلى التمارين التطبيقية منها إلى الوضعية التي تتيح اكتشاف المفاهيم الرياضية الجديدة أو توظيف المعارف والمهارات لحل ما يعرض فيها من إشكال.ولعلالعديد من المسائل المتعلقة بالوضعية – المشكل مازالت تنتظر التوضيح. ومنها على سبيل الإشارة ما يلي: ما المقصود بالوضعية وما المقصود بالمشكل ؟ هل الوضعية – المشكل تعني مشكلا تتضمنه وضعية ؟ ما علاقة الوضعية-المشكل بالمعارف ؟ هل الوضعية مَعْـبَـرٌ لتقديم المعارف ؟ أم مناسبة لإبراز جوانب منها ؟ وهل مجرد أن تتضمن الوضعية – المشكل معرفة أمر كاف لأن يمتلكها التلاميذ ؟ أم أن الامتلاك يقتضي تبني هذه المعرفة وبناءها وهيكلتها وإعادة هيكلتها من قبل المتعلم من أجل توظيفها في وضعية أخرى طريفة وغير مألوفة ؟والملاحظ أن الوضعية – المشكل المقدمة في المراحل الأولى من التعليم الأساسي شهدت،في بعض المجتمعات الأخرى، تغييرا من حيث الصياغة والطرح والاستثمار.وهذه أمثلة من المسائل التي تطرح في الفيزياء وأخرى في الرياضيات ؛وهي ليست نماذج للتقليد ولا بضاعة للاستيراد بل أعمال قابلة أن تقرأ بعيون تونسية أو تكتب بلغتنا وضمن الإطار الذي نريده.وقد نضيف إليها وننتج مثلها أو أفضل منها.في الفيزياء :فسِّر ذوبان السكر في الماء.فسِّر لماذا ترتفع حرارة سلك ناقل عندما يسري فيه تيار كهربائي.في الرياضيات :يمكنني أن أحسب بطريقتين مختلفتين أو ثلاث قيس مساحة هذا المثلّث.وذلك دون أن أستعمل الورق الشفاف ودون أن أخرج عن محيط الورقة. اكتشف هذه الطرائق و فَسٍّرْها .** هل يمكن أن تغطي كامل مساحة هذه الدائرة بدوائر أخرى ؟بيِّن ذلك بالرسم و/أو بالتحرير . وهل يمكن أن تغطي كامل مساحة مستطيل أو مربع بدوائر ؟ وبمربعات ؟ وبمستطيلات ؟ بيِّن ذلك بالرسم و/أو بالتحرير .*** في بعض المعاهد تطرح على المتعلمين مشاكل حقيقية توظف فيها المعارف الهندسية والفيزيائية والمهارات اليدوية والقدرات على استثمار المعلومات وإمكانيات التجريب والتصحيح والتعديل وتقضي هذه المشاكل بأن يتولى هؤلاء صنع تجهيزات ذات أغراض عملية يشاركون بها في مسابقات محلية وجهوية و في صورة الفوز في مسابقات وطنية وعالمية ( في اليابان على وجه الخصوص) في صورة الفوز.ومن الأمثلة صنع آلات كهربائية لرفع كرات التنس وجرِّها.وتمنح لكل متعلم مجموعة من الأدوات الأولية و يعطى وقتا زمنيا وموارد بشرية ومصادر معرفية يعود إليها عند الاقتضاء قصد إنجاز المطلوب.**** ومن الوضعيات-المشكل التي تطرح في المدارس الأساسية ، في حصص الهندسة وتحديدا في رسم الرباعيات والمثلثات والمجسمات ، صنع تصاميم مصغرة من الورق المقوَّى أو الخشب أو غيرهما لبنايات حقيقية أو خيالية .· استثمار الوضعية المشكل:ما زال المسار الخطي والطابع المنعزل المتوحد سائدين.والحال أن تقنيات الاستثمار عديدة ومتعددة . فمنها التعامل مع الوضعية ضمن استراتيجيات التعلم التعاوني.ومنها المسار الدائري التفاعلي الذي يسمح للمتعلمين بالشروح والتعقيبات والمناقشات والتحسس التجريبي وبناء المسارات وتحرير النتائج وتقييمها للتصحيح أو التعديل أو العود من حيث البدء لإعادة البناء بأساليب أخرى وأجهزة معرفية مغايرة .· ثنائية "خطأ / صواب":هي الغالبة في الوقت الراهن على تقييم عمل التلميذ . أما القائم بها وعليها فهو المدرس دون سواه إلا في ما ندر من الحالات .ودون طعن في هذه الصلاحية التي اكتسبها المدرس بما له من سلطة معرفية . لكن هناك ،مع ذلك، أساليب من التقييم تفاعلية ومتشابكة هي أقرب إلى النقد بمفهومه العلمي منها إلى التقييم المدرسي الذي يختزل عمل المتعلم وقوله في ثنائية الخطأ والصواب.وتستخدم هذه الأساليبالتقييم الذاتي والتقييم المتبادل بين المتعلم والمتعلم والتقييم المشترك بين المدرس والمتعلم والتقييم الآتي من خارج مجموعة العمل أو جماعة الفصل والتقييم الصادر عن عمل التلميذ ذاته .إذ يفرض إنتاج المتعلم قيمته على مجموعة الفصل أو غيرها فيفوز بالنشر أو في مسابقة الأولمبياد، على سبيل الذكر، دون اللجوء إلى عَدَدٍ من عشرة أو عشرين يسنده المدرِّس إلى تحرير التلميذ.· تخطيط العمل:هو أقرب إلى توزيع الأهداف ومضامين المجالات وصياغة الأنشطة المتصلة بها على الحصص والأسابيع والأشهر منه إلى التخطيط.وقلَّما يبرز الفرق ،في ممارسة المدرس،بين التوزيع والتخطيط.فهذا الأخيريطرح مسألتين اثنتين في ظل استراتيجية التعليم / التعلم التي يعتمدها المعلم :المسألة الأولى تتصل بتعلمية المادة وتتعلق بكيفية جعل المعرفة قابلة للتمرير وهو ما يثير قضية علاقته وعلاقة تلاميذه بالمعرفة من حيث تحديد درجة الصعوبة وضبط مستويات التجريد وتَخَـيُّر وضعية التعلم . أما المسألة الثانية فتتصل بالجانب البيداغوجي وتتمثل في تَـبَـيُّن العلاقة التفاعلية بين عمل المعلم وعمل المتعلم أثناء حصص الدرس من حيث هيكلة الدرس وملاءمته لمستوى التلاميذ وميولهم وتعديل المسار عند الاقتضاء وانتهاج تقنيات تنشيط تستجيب للمطلوب واعتماد أنماط بيداغوجية تراعي خصائص المتعلمين المعرفية وتنظيم مجموعات عمل متباينة الأغراض والوظائف منها ما هو للتعاون ومنها ما هو للاستكشاف ومنها ما هو للتناظر.*مستويات التعلم :لعل الشائع مما يستهدفه التعليم والتقييم في الكثير من مدارسنا ما يطلق عليه بالمراقي المعرفية الدنيا.وقلَّما تبلغ هذه المراقي مستويات أرفع أو أن تتعدى المعارف الأداتية إلى المهارات المنهجية والمواقف والقيم .فتحتل الأدوات الرياضية وآلياتها، من ثمة ، المكانة الرفيعة وتوظف لتحقيقها الطرائق والأساليب والمسارات المناسبة فتمسي النتائج المتصلة بالآليات الحسابية أو القيسية أو الهندسية هي المستهدفة في التعليم وهي المعايير الوحيدة أو الغالبة على الأقل في التقييم للحكم على نجاح المتعلم أو فشله .( في معايير تقييم الرياضيات المعتمدة في المقاربة بالكفايات وعلى الرغم من روح التجديد التي أدخلتها هذه المقاربة على ممارسات التعليم وطرائق التعلم لازال المعيار المتعلق باستخدام الأدوات الرياضية يحتل أربعة أخماس من مجموع العدد المسند إلى الحد الأساسي المقبول.الخُـمُس الباقي يعود إلى المعيار الخاص بتأويل المسائل ).المقاربة بالكفايات :هي تمش يستهدف تجويد العملية التربوية والرفع من مردود المؤسسة الداخلي والخارجي بنوعيه الكمي والنوعي عبر تطوير ممارسات المدرسين البيداغوجية وعمل كل الأطراف المعنيين بالفعل التربوي من إداريين وإطار إشراف ومكونين .وكذلك تحسين الرفاه البيداغوجي في المدارس لتقليص الفوارق . ومما أعدَّ في الغرض صياغة الكفايات والأهداف الاندماجية والكفايات الأساسية ضمن مساري التعلم والتقييم.كما شرع بداية من هذه السنة الدراسية (2001/2000) في تطبيق برامج صيغت وفق المقاربة بالكفايات.لكن الشائع بين عدد من المهتمين بالمقاربة ،وليس الشائع بوجيه دائما،أن صياغة الأهداف الاندماجية وبناء المناهج وفق منظور هذه المقاربة ،وإن كانا يُؤَسِّسان لتعليم وتعلُّم جيِّدَيْن بمعايير المدِّ العولمي فإنهما لا يُحَقِّقَان وحدهما ودون جهد واجتهاد تحسين النتائج والرفع من مردود المؤسسات التربوية .الواقع أن للمقاربة قراءة لا ينبغي أن تخفى على أحد وهي أنها تمش تتيح لمطبقها قدرا من الجدوى والفاعلية على قدر ما لديه من الحرفية (أو الصناعة على حدِّ قول العلامة ابن خلدون )في التعليم والتعلم وما يمتلك من قدرة على التبصُّر بمقتضيات التطوُّر في عالم اليوم وعالم الغد القريب والبعيد ؛ومن وعي بالتحوُّل الدائم والمطرد في مهنة المدرس ومهنة المكوِّن ومهنة المتعلم ووظيفة المدرسة ؛ومن قناعة أن أنشطة التدريس والتقييم لن تكون غدا كما كانت عليه بالأمس .وأن قرارات الارتقاء والرسوب والانقطاع لن تكون ،في ظل المعلوماتية والتعليم عن بُعْدٍ والتعلم مدى الحياة ، بأيدي المدرس والمدرسة وحدهما ولا حسب مشيئتهما؛بل بإرادة المتعلم ولربما بإرادة المتعلم وحده.فالعلاقة المألوفة في المؤسسة التعليمية والقائمة على المعلم والمتعلم المتواجدين في مكان وزمان محدَّدين ومُوحَدَّيْن ستشهد مع التعليم عن بعد والتعلم مدى الحياة تغييرا في ركنين من أهم أركانها : المكان والزمان .فلا حاجة أن يتواجد المتعلم والمعلم في فضاءجغرافي معلوم ولا في حيِّزً زمني مُعيَّن . وما هذا بالخيال العلمي فالخطاب الرئاسي متبصِّـرٌ بها ورائد فيها وحريص على إرسائها في المدرسة التونسية وفق روزنامة محددة المراحل متسارعة النسق .· وخلاصة القول :هل تبقى الرياضيات ويبقى تدريسها خارجين عن مربع تسارع المعرفة وإيصال المعلومة ومواكبة التطور وتحيين طرائق التعليم والتعلم ؟ وهل تبقى مُتأخِّرة عن الخطاب السياسي ؟ وإلى متى تبقى وزارة الإشراف وهياكلُها المُـبَادِرَة بمفردها بالتجديد والداعية إليه والساهرة على إرسائه ؟وهل تظل الرياضيات بطيئة الانخراط في مجلوبات المعلوماتية ( أي صناعة المعالجة الآلية والفورية للمعلومات ) والموصولاتية ( أي إيصال المعلومة الصوتية و/أو المصورة و/أوالمكتوبة من مكان إلى مكان عبر شبكات سلكية ولا سلكية ) والمدروساتية (أي تطبيق تكنولوجيا التحميل المعلوماتي وأساليب البرمجة التخاطبية بين الإنسان والجهاز) ؟ وهل يكون موقف الرياضيات وتدريسها من المعلوماتية وتطبيقاتها موقف الحذر الذي كانت ولازالت عليه من الصورة والسينما والتلفزة حتى لا نقول الرافض لها مُتَحَصِّنة وراء ما درجت عليه من مناهج وأساليب وآليات لا تخدم بالضرورة مكانة المادة في نفوس المتعلمين بالمرحلة الأولى من التعليم الأساسي ؟ أم أن للرياضيات ولدىمدرسيها من المرونة وقابلية التكيُّف مع المتغيرات والمستجدات ما يجعلها تنفلت من الانغلاق والتقوقع لتقترب أكثر فأكثر من نفوس المتعلمين أو على الأقل لتحدَّ من زهدهم فيها وانصرافهم عنها وهو أضعف ما ينبغي أن يكون لدى القائمين بها وعليها من الإيمان ؟ الإجابة بأيدينا نحن معشر المربين لا بأيدي الآخرين.ولعل بياجي أصاب في ما ذهب إليه عندما قال :" التلاميذ لا يفهمون الدروس لا المواد " .
0 commentaires:
إرسال تعليق